الحلال والحرام (1)
الأكل لغةمعروف، وقد تقدم اشتقاقه في صفة «أكل الطيبات»
الحرام لغة
الحرام: اسم لما حرم، وهو مأخوذ من مادة (ح ر م) التي تدل على المنع والتشديد، ومن ذلك:الحرام ضد الحلال، والحريم (في الأصل) ما حول البئر، يحرم على غير صاحبها أن يحفر فيه، والحرمان:
مكة والمدينة، سميا بذلك لحرمتهما، وأنه حرم فيهما أن يحدث أو يؤوى محدث، والحريم: الذي حرم مسه فلا يدنى منه، والحريم أيضا: الثوب إذا حرم لبسه، وكانت العرب إذا حجوا ألقوا ما عليهم من ثيابهم فلم يلبسوها في الحرم، ويسمى الثوب إذا حرم لبسه الحريم. وقال الراغب: الحرام: الممنوع منه، إما بتسخير إلهي، كما في قوله تعالى: وحرمنا عليه المراضع (القصص/ 12) ، وإما بمنع قهري كما في قوله تعالى: إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة (المائدة/ 72) وإما بمنع من جهة الشرع، كما في قوله
تعالى: قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه (الأنعام/ 145) ، وقوله- عز وجل- في الحديث القدسي: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي» فمعناه: تقدست عنه وتعاليت، فهو في حقه كالشيء المحرم على الناس، والحرمة: ما لا يحل انتهاكه ، وكذلك المحرمة والمحرمة (بفتح الراء وضمها) ، وحرمة الرجل: حرمه وأهله، والحرم ضد الحل، كما أن الحرام ضد الحلال، والحرم قد يكون بمعنى الحرام، ونظيره: زمن وزمان، والمحرم: الحرام، يقال: هو ذو محرم منها إذا لم يحل له نكاحها، ومحارم الليل: مخاوفه التي يحرم على الجبان أن يسلكها، والتحريم ضد التحليل، يقال: حرم الشيء (بالضم) يحرم حرمة وحرما، وحرمه الشيء يحرمه حرما وحرمة وحريمة وحرمانا وأحرمه أيضا: إذا منعه إياه، وأحرم الرجل: إذا دخل في حرمة لا تهتك، وأحرم: دخل في الشهر الحرام، وأحرم بالحج والعمرة (دخل فيهما) .
وقال ابن منظور: الحرم (بالكسر) ، والحرام:
نقيض الحلال، ويقال: حرم عليه الشيء حرما وحراما،وحرم الشيء حرمة، والمحرم: الحرام، والمحارم ما حرم الله، وحرم مكة معروف، وهو حرم الله وحرم رسوله صلى الله عليه وسلم ويقال: بلد حرام، ومسجد حرام، وشهر حرام، والأشهر الحرم أربعة: ثلاثة سرد أي متتابعة وواحد فرد، فالسرد: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم والفرد:
رجب، وفي التنزيل العزيز منها أربعة حرم.
وجمع المحرم محارم ومحاريم ومحرمات والإحرام: مصدر أحرم الرجل يحرم إحراما إذا أهل بالحج أو العمرة وباشر أسبابهما
الحرام اصطلاحا
قال الكفوي: الحرام: ما استحق الذم على فعله، وقيل: ما يثاب على تركه بنية التقرب إلى الله تعالى. وقيل: الحرام عام فيما كان ممنوعا عنه بالقهر والحكم وقيل: هو: ما ثبت المنع عنه بلا أمر معارض له .وقال المناوي: الحرام: الممنوع منه إما بتسخير إلهي أو بشري وإما بمنع من جهة العقل أو الشرع أو من جهة من يرتسم أمره.
أكل الحرام اصطلاحا
هو تناول ما يثاب على تركه تقربا لله تعالى من الأطعمة ونحوها مما ثبت المنع عنه .
تناول الحرام
حكم تناول الحرام العقاب بالفعل، والثواب بالترك إذا كان هذا الترك لله تعالى، لا بمجرد الترك وإلا لزم أن يكون لكل أحد في كل لحظة مثوبات كثيرة بحسب كل حرام لم يصدر عنه ، وذكر الماوردي أن المحرمات التي يمنع الشرع منها، واستقر التكليف عقلا أو شرعا بالنهي عنها تنقسم- بحسب الحكم- إلى قسمين:
الأول: ما تكون النفوس داعية إليها، والشهوات باعثة عليها كالسفاح وشرب الخمر، فقد زجر الله عنها لقوة الباعث عليها وشدة الميل إليها بنوعين من الزجر: أحدهما عاجل يرتدع به المجترىء على حدود الله، والآخر: وعيد آجل يزدجر به التقي.
الثاني: ما تكون النفوس نافرة منها، والشهوات مصروفة عنها كأكل الخبائث والمستقذرات، وشرب السموم المتلفات وهذه اقتصر المولى سبحانه في الزجرعنها بالوعيد وحده دون الحد
لفظ «الحرام» في القرآن الكريم
قال الفيروز آبادي. ورد الحرام في القرآن على عشرة أوجه:الأول: حرام المناكحة حرمت عليكم أمهاتكم (النساء/ 23) الآية.
الثاني: حرام الفسق والمعصية إنما حرم ربي الفواحش (الأعراف/ 33) أتل ما حرم ربكم عليكم (الأنعام/ 151) .
الثالث: حرام العجائب والمعجزة وحرمنا عليه المراضع من قبل (القصص/ 12) .
الرابع: حرام العذاب والعقوبة إن الله حرمهما على الكافرين (الأعراف/ 50) فقد حرم الله عليه الجنة (المائدة/ 72) .
الخامس: حرام فسخ الشريعة حرمت عليكم الميتة إلى قوله ذلكم فسق (المائدة/ 3) .
السادس: حرام الحرمان والهلكة وحرام على قرية أهلكناها (الأنبياء/ 95) .
السابع: حرام الشهوة والهوى وأنعام حرمت ظهورها ومحرم على أزواجنا (الأنعام/ 138- 139) .
الثامن: حرام النذر والمصلحة يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك (التحريم/ 1) إلا ما حرم إسرائيل على نفسه (آل عمران/ 93) .
التاسع: حرام الحظر والإباحة وحرم عليكم صيد البر (المائدة/ 96) .
العاشر: حرام التوقير والحرمة* رب هذه البلدة الذي حرمها (النمل/ 91).
الآيات الواردة في «أكل الحرام»
المحرم من الأموال
1- ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون (188) 2- وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا (2)
3- وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا (6)
4- إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا (10)
5- يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما (29)
6- يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم (41) سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاؤك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين (42)
7- قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل (60) وإذا جاؤكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون (61) وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون (62) لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون (63)